طفلة عمرها ثلاثة أشهر من ينظر اليها يتعجب كل
العجب ، فكل شيء فيها متصلب جامد لا حراك فيه ما عدا الرقبة و الرأس .
فالذراعان ممتدان و الركبتان لا تنثنيان و مـن يحمل الطفلة مـن أي جزء في
جسدها ترتفع معه مثل قطعة الخشب.و بينما تحملها والدتها بحنان و اشفاق ،
قال والدها : ان أمها سقطت اثناء حملها في بيت الخلاء و ان الطفلة ولدت
هكذا ، و انهما حارا بها عند الأطباء الذين اختلفوا في تشخيص حالة الطفلة
دون الوصول الى نتيجة.و قد أدركت أن الأم أصابها جني عندما سقطت في الحمام
و ذلك لأن أكثرهـم يفضل التواجد في الأماكن الخبيثة . و لذلك علمنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم أن نقـول عند دخول بيت الخلاء "اللهم اني أعوذ
بك من الخبث و الخبائث" تجنبا لأذى الجان والشياطين. و نظرت الى الطفلة
ولسان حالي يقول: ماذا عساني أن أفعل لك أيتها الصغيرة و لم أشعر بنفسـي
الا و الدموع تنهمر من عيني حزنا على هذه الطفلة و شفتاي تتمتمان " لا حول
و لا قـوة الا بالله العلي العظيم" غير أني استعنت بالله فهو سبحانه قادر
على كل شيء. و بدأت أقرأ على الطفلة آيات الرقية المأثورة و لاحظت أن
ايماءات الطفلة تنذر بأن بداخلها شيء .و بعـد انتهـاء الرقيـة أعطيت لأمها
ماء مقروءا عليه و زيتا و طلبت منها أن تحضر الطفلة لعدة جلسات يوميا.و
انتظمت المرأة و طفلتها عندي في القراءة حتى حدث شيء لم يكن في البال .
فذات يوم و أثناء القراءة تحركت أطراف الطفلة والقدمان و الذراعان حركة
طبيعية جدا و كان شيئا لم يكن . و كدت أطير من الفرح لأنني كنت متعاطفا مع
هذه الصغيرة ، و لعل الله تعالى وهو المطلع على القلوب و السرائر قد
استجاب لما في أعماقي التي كانت ترغب و ترجو منه شفاء هذه الصغيرة . وأظن
أن فرحة الأم في هذه للحظات لا يستوعبها وصف. وأخبرت الأم قبيل انصرافها
بضرورة الاستمرار في حضور القراءة .. و فعلا انتظمت معي الى أن أصبح عمر
الطفلة تسعة أشهر.وأثناء القراءة في أحد المرات نظـرت الى الطفلـة
الراقـدة فـي حجر أمها و أنا أقوم بقراءة الرقية الشرعية على واحدة من
الأخوات المتلبسات مخاطبا الجني الذي يتلبسها قائلا: اخبرني يا خبيث. فاذا
بالطفلة تهز رأسها يمينا و يسارا و كأنها تقول كلمة النفي "لا..لا.."
فأيقنـت أن ما كنت أتوقعـه كان صحيحا و الذي من أجله طلبت من أم الطفلة أن
تواصل الحضور عندي في القراءة . فقد كانت الطفلة المسكينة متلبسة بالجني.
و من فوري تركت المرأة التي كنت أعالجها واتجهت الى الطفلة قائلا: أتريد
أن تخرج فهزت الطفلة رأسها بالنفي . فقمت بضربها على يـدها ضربـة خفيفـة
فسمعت و سمـع الحاضرات صوت بكاء غريبا لم يكن عقب الضربة مباشرة و لكن
بعدها بلحظات. فقمت بزجرها أي ذلك الجني الموجود فيها آمرا اياه بالخروج و
لكن الطفلة كانت تفتح عينيها بعد كل أمر و تهز رأسها بالنفي و كأنها تريد
أن تتكلم لولا سن الطفلة الصغير.و الحق أن عدة شهور مضت على هذه الحالة و
ما زالت الطفلة تواظب على القراءة عندي، و لكني سعيد كل السعادة لما حدث و
الذي أراني الله تعالى اياه بتحرك أعضاء الطفلة على اثر كلام الله بعدما
عجز الطب عن علاجها و لكنها قدرة جبارالسماوات و الأرض و عبرة لمن أراد أن
يعتبر.